وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
الدور الحضاري المستقبلي للأمّة وموقع منظمة المؤتمر الإسلامي
۱۳۹۷/۱۱/۰۲ ۱۳:۳۱ 1165

الدور الحضاري المستقبلي للأمّة وموقع منظمة المؤتمر الإسلامي

 

 

الدور الحضاري المستقبلي للأمّة وموقع منظمة المؤتمر الإسلامي

 

آية الله الشيخ محمد علي التسخيري 

عضو المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

لا بدّ قبل الحديث عن الدور الحضاري للأمة في عالم الغد من القاء نظرة سريعة على واقع الأمة اليوم بل وربما احتجنا الى استعادة هذا الواقع عبر تاريخه الطويل المجيد.

إلاّ أن الطبيعة المقدمية تفرض علينا الاقتصار على التاريخ القريب وليكن القرن الرابع عشر الهجري وبعضاً من قرننا الحالي وهو ما يوافق القرن العشرين الميلادي تقريباً.

ففي هذه الفترة المليئة بالاحداث نجد ان الأمة الإسلامية قد مرت بثلاثة أدوار رئيسية هي:

الدور الأول: دور الاستعمار والاحتلال: فالارض الإسلامية في هذا الدور احتلت كلها تقريباً أما احتلالاً مباشراً كما هو الحال بالنسبة للعراق وسوريا ولبنان والاردن وشمال افريقيا وغيرها او بشكل غير مباشر كما هو الحال بالنسبة لتركيا وايران حيث وفق الاستعمار لفرض كل مايريد بقوة العملاء الرسميين له.

وتمتد هذه الفترة من الحرب العالمية الأولى الى الحرب العالمية الثانية تقريباً.

الدور الثاني: دور الاستعمار ولكن باتجاه قومي:

فبعد سقوط المانيا الهتلرية بدأت وتيرة مايسمى باستقلال الدول والحكومات في العالم الإسلامي والتحرر من براثن الاستعمار. ولكن صاحب ذلك اتجاه قومي عارم تجلّى كأقوى ما يكون في الحركة الناصرية القومية العربية وحركة سوكارنو وغيرهما حيث ظنت الشعوب المتحررة ان الاتجاه القومي هو البديل الافضل للحالة الاستعمارية.

الدور الثالث: دور الاتجاه الإسلامي الشمولي ويبدأ هذا الدور تقريباً من أواخر الستينات الميلادية حيث تنامى الشعور بقضية الإسلام والوحدة الإسلامية، وظهرت بوادر صحوة إسلامية شاملة لها مظاهرها وآثارها ومن أهم هذه المظاهر الإحساس بوحدة المنطلق والمسير والهدف مما يؤدي للاحساس بوحدة الشخصية لهذه الأمة.

وربما أمكننا القول أن هذه الحالة هي الوليد الجديد بعد مرحلة جنينية مطولة نسبياً لكل ما قامت به الحركات الإسلامية السياسية والاجتماعية، المحافظ منها والمتحرر، والمنطلق على أساس وعي كامل للمسيرة، أو المنطلق على أساس إحساس بالظلم والضغط، وعلى إختلافها في الفهم والأسلوب والهدف الا أنها كلها نمت هذا الجنين في رحم هذه الأمة الولود وأنتجت هذه الصحوة المباركة.

وكان الظلم الاستعماري، وخواء الإتجاهات القومية، وضغط النظم الدكتاتورية وقيام الكيان الصهيوني عوامل مساعدة قوية في ظهور هذه الصحوة وربما كان ظهور منظمة المؤتمر الإسلامي على أثر الجريمة الكبرى التي أقدمت عليها الصهيونية بإحراق المسجد الأقصى مظهراً وعاملاً على تنامي هذا الشعور الشمولي الإسلامي كما إن مما لا ريب فيه أن إنتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.. وإنهيار المعسكر الشيوعي الإلحادي شكل عوامل كبرى في تنميتها وإتساعها.

ولسنا ننسى هنا المسيرة العلمية والثقافية والاقتصادية لهذه الأمة فإن لكل من هذه الجوانب موقعها الكامل في تشخيص موقع الأمة إلا أن ماذكرناه يمثل الشكل العام لهذه المسيرة.

وعبر هذه النظرة السريعة ندرك ان الأمة المسلمة رغم ما أبتليت به من نكبات كانت منطقة ساخنة تهتم بها الأمم وتتفاعل مع الأحداث وتترك أثرها القوي أو الضعيف على مجمل المسيرة الإنسانية بكل تفاعلاتها. كما ندرك أنها وهي تقف على عتبة تحول زماني كبير لتشعر بتحديات كبرى تتطلب منها التخطيط الحكيم للمواجهة الإيجابية الفاعلة.

  الدور الحضاري للأمة في عالم الغد:

اننا إذا لاحظنا العناصر التالية ادركنا بكل وضوح ضرورة إتخاذ دور فاعل في المسيرة الحضارية الإنسانية يتناسب وحجم هذه الأمة ومسؤوليتها الحضارية:

أولاً: الموقع الحضاري الذي أراده الإسلام لهذه الأمة: ويمكن تلخيص ذلك بالعبارة القرآنية الشريفة (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) ([1]).

 ولا ريب في أن الوسطية هنا تعنى القمة في المثل الحضاري وخصوصاً بعد ملاحظة التقارب بين شهادة الأمة على الناس وشهادة الرسول(صلى الله عليه وآله)على الأمة ونحن نعلم انه(صلى الله عليه وآله) خير قدوة وأكمل إنسان يتمتع بكل صفات الإنسان.

فإذا أضفنا الى هذه الحقية حقيقة أخرى هي أن الإسلام جاء لكل الانسانية ولكل العصور ديناً خالداً ينظم للبشرية مسيرتها الحضارية التكاملية أدركنا أن الإسلام يريد لهذه الأمة أن تحتل موقعها الريادي في كل عصر - والحديث في هذا المجال واسع.

ثانياً: الإمكانات الحضارية التي تتمتع بها هذه الأمة من حيث:

أ - الطروحات الفكرية والاجتماعية التي استمدها من الإسلام والتي أثبتت قدرتها الرائعة على تخطي العصور وإعطاء الحل الناجع لمشكلات الانسان.

ب - الثروة العلمية والفكرية الهائلة التي ورثتها من تاريخها المجيد.

جـ - الموقع السياسي والجغرافي والاقتصادي الذي تحتله حيث تمتلك أكثر المناطق حساسية وتمتد في قلب العالم عملاقاً يعمل اعداؤه على أن ينام وتتحرك أطرافه للإنطلاق على مختلف الصعد.

د - الطاقات الإنسانية الكبيرة التي يمتلكها ويستطيع تجميعها وتعبئتها لصنع الغد الأفضل.

ثالثاً: مقتضيات الواقع: ذلك ان البشرية اليوم تسير نحو تنافس الأمم في صنع الحضارة الإنسانية وهو مضمون إتفاق الأمم كلها على جعل العام 2001 الميلادي عام (الحوار بين الحضارات) باقتراح من رئيس الجمهورية الإسلامية الايرانية، رئيس الدورة الثامنة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وبطبيعة الحال فإن التوالي الحضاري في المعسكر الآخر يتطلب منّا توالياً حضارياً إسلامياً نستطيع معه أن نعيش على ظهر هذا الكوكب وإلا فالفتنة والفساد قال تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ([2]).

 إن الواقع يفرض بدوره على هذه الأمة ان تبرز شخصيتها الحضارية المتميزة وان تلعب دورها المطلوب.

وهنا نقول:

إن الأمة تواجه تحديات كبرى يمكن أن نجملها بالتحديات السياسية، والعلمية، والإقتصادية والثقافية، والعقائدية والإجتماعية والمعلوماتية.

ومن أهم التحديات السياسية: اتجاه العالم الى عصر القطب الواحد المسيطر على مجمل السياسة العالمية.

ومن أهم التحديات العلمية: هذا التقدم العلمي الكبير للغرب والذي يستغله الغرب لفرض هيمنته في مختلف الصعد على العالم.

ومن أهم التحديات الاقتصادية: فكرة العولمة الاقتصادية التي لا تبقي لأمة قدرتها على السيطرة على إقتصادها وإنما تربط ذلك بمجمل الوضع الإقتصادي العالمي ولا ريب في أن القدرات الهائلة للغرب لا تفسح المجال للقدرات الصغيرة الأخرى.

ومن أهم التحديات الثقافية والعقائدية: هذا الهجوم الثقافي والأخلاقي والعقائدي الكبير على كل أبعاد شخصية هذه الأمة وربما شكلت العلمانية أهم مظاهره وأشدّها إتساعاً.

كما إن أهم التحديات الإجتماعية، هذا التخطيط الرهيب لتغيير تعريف العائلة وحذف دورها الاجتماعي الركين.

وأخيراً فإن التحدي المعلوماتي اليوم يدع العالم الإسلامي منحصراً في زاوية ضيقة من سيطرة معلوماتية واسعة.

وكل هذا يتطلب تخطيطاً واقعياً مخلصاً واعياً للمواجهة الإيجابية الفاعلة كما اسلفنا ويلقي مسؤولية كبرى على عاتق منظمة المؤتمر الإسلامي باعتبارها تدعي تمثيل الأمة بكل جوانبها وبشكل رسمي كما تلقي بمسؤوليات أكبر على الفئات غير الرسمية بلا ريب.

نظرة على منظمة المؤتمر الإسلامي واقتراحات

لتفعيل دورها العالمي

مرت عقود ثلاثة على ذكرى إحراق المسجد الأقصى بأيد صهيونية عام

1969م وقد ثارت لذلك مشاعر المسلمين وعمّ الغضب كلّ العالم الإسلامي ضدّ كل الكيان الصهيوني الغاصب، وكانت ردّة فعل المسؤولين في العالم الإسلامي وبدوافع سياسية مختلفة قد تمثلت في إنشاء منظمّة المؤتمر الإسلامي لتحقيق التضامن الإسلامي، والعمل على ترشيد أحوال الأمة الإسلامية في مختلف المجالات.

وكمنظمة عالمية استطاعت هذه المنظمة أن تعقد لحدّ الآن 25 مؤتمراً لوزراء الخارجية وثمانية مؤتمرات للقمة، وعشرات المؤتمرات الفرعية والتخصصية، وأنشأت بعض المؤسسات الفرعية في مجالات تخصصية، وبذلت مئات الملايين من الدولارات سعياً لتحقيق أهدافها.

 والسؤال المطروح هنا هو:

هل استطاعت المنظمة أن تحقق الهدف المعلن الذي أنشئت لأجله.

وفي مجال الإجابة ربّما نجد من يفرط في التفاؤل فيتصورها من أنجح المنظمات، ومن يمعن في التشاؤم فيراها لم تحقق أي شيء غير إهدار الأموال والاوقات وتضييع الآمال، ودعم الاتجاهات الرسمية; إلا أن الحق يقتضينا التأمل أكثر فأكثر لنقع على صخرة الحقيقة.

وإذا درسنا الموقف من جوانبه، وتأملنا النتائج والقرارات التي صدرت من الاجتماعات العديدة، وتتبعناها في مجال التطبيق العملي، والآثار المترتبة عليها، نجد أن هناك فرقاً شاسعاً بين المسارين السياسي والاقتصادي من جهة، والمسار الثقافي من جهة أخرى، طبعاً كما نعتقد نحن، وللآخرين ما يعتقدون.

ولسنا هنا بصدد التفصيل في دراسة المسارين السياسي والاقتصادي، غير أننا نستطيع القول بـإجمال إن المنظمة لعبت بعض الأدوار السياسية، ولم توفق في أكثرها لعوامل عديدة.

فبالنسبة لفلسطين كانت قراراتها من حيث المجموع أفضل من غيرها، وربما بلغت قرارات بعض المؤتمرات العشرين صفحة، تناولت فيها القضية الفلسطينية من جميع الجوانب، وأعطت رأيها بصراحة فيها. إلا أن الملاحظ أن هذه القرارات كانت تذوب عند التطبيق، فلا تجد لها الاستجابة الكافية، فكل دولة كانت تتخذ مسارها تجاه القضية، وتمشي لوحدها على ضوء ارتباطها بالغرب، الأمر الذي كان ينعكس حتى على نفس هذه القرارات، فتعمل على التراجع عن المواقف المبدئية السابقة، حتى عاد الأمر كما نشهده اليوم من الذل والمساومة والإذعان لكل الضغوط، وبالتالي الاعتراف بالعدو الغاشم.

وبالنسبة لقضية الحرب العراقية الإيرانية، لم تستطع المنظمة أن تفعل شيئاً رغم أنها أتخذت بعض الخطوات. وكذلك الأمر بالنسبة للاعتداء العراقي على الكويت.

وربما تحقق الإجماع الإسلامي تجاه قضية البوسنة والهرسك كأقوى ما يكون، واستطاعت المنظمة أن تتخذ منها بعض المواقف القوية، إلا أنها لم تحقق المطلوب بشكل كامل. وها نحن نراها عاجزة عن التدخل بشكل قوي في قضية كوسوفو كما كانت عاجزة عن المساهمة في الحل في قضيتي الصومال، والنزاع الاريتري الاثيوبي، وكذلك قضية كشمير وغيرها.

أما على الصعيد الاقتصادي فإن إنجازاتها يمكن أن تتلخص في القيام ببعض المشاريع الاقتصادية المفيدة للعالم الإسلامي، وفي طليعتها البنك الإسلامي للتنمية وغيرها في حين بقيت بعيدة عن تحقيق هدف السوق الإسلامية المشتركة بل أنها لم تستطع أن تفعل شيئاً أمام السقوط المريع لأسعار النفط مثلاً:

بعد هذا لنركز على المسار الثقافي لهدف المنظمة لنعرف مدى ما حققته من نتائج ويمكن أن نقسم الانتاج الثقافي الى حقول:

 الحقل الأول: المراكز الثقافية التي تمّ إيجادها أو الدعوة لذلك:

وأهمها مايلي:

أولاً: الجامعات الإسلامية: قرر مؤتمر القمة الإسلامية الثاني المنعقد في لاهور في الباكستان في فبراير 1974م إنشاء جامعتين إسلاميتين في أفريقيا، إحداهما في النيجر لتخدم البلدان الافريقية الناطقة باللغة الفرنسية، والثانية في أوغندا لتخدم البلدان الناطقة بالانجليزية. ويذكر أن في لاهور جامعتين إسلاميتين.

كما قرر المؤتمر العالمي الأول للتعليم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة عام 1297هـ ، الموافق 1977م إنشاء الجامعة الإسلامية في ماليزيا، وقرّر المؤتمر الإسلامي الرابع عشر لوزراء الخارجية المنعقد في داكا في بنغلادش في ديسمبر 1984م إنشاء الجامعة الإسلامية في بنغلادش.

وأوضاع هذه الجامعات مختلفة، فجامعة النيجر قبلت لحد الآن بعض الطلاب، ولكن لما كانت الصعوبات المالية تواجهها بقوة مما أدى الى حصول اضطرابات بين الطلبة، دعت السلطات المحلية لإغلاقها في بداية السنة الدراسية (1991 - 1992م) وقد تمّ القيام ببعض الخطوات العملية لإعادتها الى النشاط.

وجامعة أوغندا بدورها تمّ افتتاحها عام 1988 أي بعد أربعة عشر عاماً، وتضمّ حالياً ثلاث كليات، ويقدر عدد طلابهابـ 302 طالباً ومازالت تعاني من نقص مالي. وكانت جامعة ماليزيا العالمية هي المشروع الأكثر نجاحاً، حيث افتتحت عام 1983م وفيها الآن أكثر من 800 طالب، كما أن هيئة التدريس فيها تزيد على 500 عضو، وأخيراً فإن جامعة بنغلادش الإسلامية تحوي الآن 130 طالباً، وتعاني من نقص مالي أيضاً.

ثانياً: المراكز الإسلامية التابعة: وهي:

أ - مسجد الملك فيصل والمؤسسات التعليمية الثقافية التابعة له في انجامينا في تشاد.

ب - المعهد الاقليمي للدراسات والبحوث الإسلامية في تمبكتو في مالي.

ج - المعهد الاقليمي للتعليم التكميلي في اسلام آباد في الباكستان.

د - المركز الإسلامي في غينيا بيساو.

و - المنظمة الإسلامية الدولية للمرأة ودورها في المجتمع الإسلامي.

ز - المعهد الإسلامي للترجمة في الخرطوم.

والملاحظ أن  هذه المراكز تمّت الموافقة على إنشائها في أحد المؤتمرات الإسلامية، لهدف نشر الثقافة الإسلامية، وهي عادة ما يتم التعاون في تمويلها بين المنظمة ودولة المقر، ولكنها لم تصل بعد إلى الحد المطلوب، طبعاً على اختلاف بينها فيما حققته من خطوات.

وكمثال على ذلك نجد أن  موضوع المنظمة الإسلامية الدولية للمرأة - رغم أهمية موضوعه إذ يتناول قضية ترشيد دور المرأة في المجتمع الإسلامي - بقي خلال سنتين قيد الدرس والمداولة.

فقد طرح لأول مرة في الاجتماع العاشر للجنة الإسلامية للأمور الاقتصادية والثقافية والاجتماعية باقتراح من الباكستان، وأوصى المؤتمر الرابع عشر والمؤتمر الخامس عشر لوزراء الخارجية بتشكيل لجنة متخصصة لدراسته، واجتمعت اللجنة في اكتوبر 1985م في إسلام آباد ودرست الموضوع، وقدّمت النتائج الى الاجتماع السادس عشر لوزراء الخارجية، الذي كلّف الأمانة العامة بتهيئة مشروع الميثاق، وقد قامت الأمانة العامة بذلك، وعرضته على الاجتماع الثامن عشر. وتتابعت تأييدات وزراء الخارجية في مؤتمراتهم التالية. (التاسع عشر، والعشرين، والحادي والعشرين) مع الترحيب باقتراح مقدّم من الجمهورية الإسلامية الايرانية لاستضافة إجتماع للخبراء لدراسة هذا الموضوع.

وقد سعت الأمانة العامة في الاجتماع الحادي والعشرين لوزراء الخارجية لطرح مشروع قرار يخلط هذه المنظمة، وموضوع دور المرأة في المجتمع الإسلامي، مما يؤدّي إلى حذف الفكرة في النهاية، إلاّ أن نشاط الوفد الإسلامي الإيراني حال دون ذلك.

وقد عملت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على متابعة هذا الموضوع، إيماناً منها بأهمية الموضوع، ولكن نشاط بعض الدول القوية في المنظمة حال دون الوصول الى قرار حاسم، إلى أن إنعقد مؤتمر القمة الثامن بطهران وتوج الجهود بصدور قرار متوازن عن المرأة ولكنه مازال ناقصاً ومازلنا ننتظر رأي مجمع الفقه الإسلامي حول نتائج دورة طهران وقد دامت دراسته أربع سنوات!! هذا ومازال الطريق طويلاً أمام المنظمة لتصدر قراراتها القوية في قضايا (الشباب أو الأطفال) وغيرها.

الحقل الثاني: المواضيع العامة:

وتندرج تحت هذا العنوان المواضيع التالية:

1- مشروع المبنى الجديد لجامعة الزيتونة بتونس.

2- وضع تقويم موحد للشهور القمرية والاعياد الإسلامية.

3- مشروع إنشاء مركز إسلامي للتدريب والبحوث الطبية المتقدمة في بنغلادش.

4- مشروع الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي.

5- مشروع اللائحة الإسلامية لحقوق الانسان.

6- مشروع القيام بخطة لمكافحة المفاسد الأخلاقية.

7- موضوع الموقف الموحّد تجاه الاستهانة بالمقدّسات والقيم الإسلامية.

8- مشروع استراتيجية العمل الإسلامي المنشق في مجال الدعوة.

9- موضوع رعاية الطفل وحمايته في العالم الإسلامي.

10- التآخي بين الجامعات الفلسطينية في الاراضي المحتلّة والجامعات في الدول الأعضاء.

11- تدريس مادة تاريخ وجغرافية فلسطين في الدول الأعضاء.

12- الوضع التعليمي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة والجولان السوري.

13- تقوية وضع الجامعات في الأراضي المحتلّة.

14- دراسة مشكلات التعليم في الأراضي المحتلّة.

15- المحافظة على الهوية العربية والطابع الإسلامي لمدينة القدس الشريف.

16- تدريس المعلومات حول الجامعات المسلمة في البلقان والقوقاز في مادتي التاريخ والجغرافيا.

17- تقديم مساعدات لمسلمي كوسوفو وسنجق.

18- حماية التراث الثقافي والمؤسسات التعليمية في البوسنة والهرسك.

والملاحظ في هذه المشاريع قبل كل شيء أنها تناولت في أغلبها قضايا مهمة جداً، ولها آثارها الواسعة على مستوى العالم الإسلامي إلا أنها بدورها اختلفت من حيث حماس الدول الأعضاء لإنشائها وتنفيذها، وبالتالي اختلفت من حيث المصير والنتيجة، وها نحن نذكر بعض الأمثلة على ذلك.

 

أ - مشروع اللائحة الإسلامية لحقوق الإنسان:

فمشروع اللائحة الإسلامية لحقوق الانسان في الإسلام مرّ بكثير من اللجان والمؤتمرات منذ بدأت فكرة كتابته رسمياً عام 1979م، حيث قرر المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الخارجية تشكيل لجنة مشاورة لإعداد لائحته، وقد أحيلت الى المؤتمر الحادي عشر، حيث قام بدوره بـإحالتها الى لجنة قانونية، وعرض النصّ المعدّل على مؤتمر القمة الثالث، ولكن هذا المؤتمر أحاله الى لجنة أخرى، ووافق المؤتمر الرابع عشر للخارجية فى داكا على المقدمة وأول مادة فيه، وأحال باقي المواد على لجنة ثالثة، ثم تتابعت المؤتمرات مؤكدة عليها، إلى أن عقد اجتماع طهران في ديسمبر 1989م واعدّ الصيغة النهائية التي تمّت الموافقة عليها نهائياً في المؤتمر التاسع عشر بالقاهرة. وهكذا تكون قد مرّت بعشر مؤتمرات للخارجية، وثلاثة للقمة، بالإضافة لجلسات الخبراء التي كان آخرها في طهران، وقد تشرّفت برئاسة هذه الجلسة الأخيرة، كما شاركت في جلسات غيرها كرئيس مناوب أو كعضو مسؤول.

والحقيقة فإن النتيجة كانت رائعة من حيث الجانب النظري، إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في التطبيق على صعيد العالم الإسلامي، تماماً كما هي المشكلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكن على الصعيد العالمي كلّه.

فلقد أصرّت بعض الدول الأعضاء على أن يقيّد تنفيذ هذا الإعلان بما إذا كان ينسجم مع القوانين الداخلية لها!! وهذا أمر غريب حقاً.

وعلى أي حال: ينبغي السعي الجاد لضمان التنفيذ بمختلف الطرق، ولا يتم ذلك إلا من خلال إنشاء لجنة محايدة لمراقبة حقوق الإنسان على ضوء اللائحة الإسلامية وهذا ماندعو اليه بقوة.

 

ب - الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي:

وهو مشروع مهم جداً انطلق من مؤتمر القمة الثالث وأكدّ عليه مؤتمر القمة الإسلامي الخامس في الكويت عام 1989م عبر مشروع قدّمته السنغال، وشكّلت لذلك لجنة للخبراء الحكوميين، حيث عقدت ثلاثة إجتماعات شاركت في بعضها، بل وقمت بتهيئة الفصل الثاني من المشروع، وهو فصل (الأهداف). وهكذا قامت هذه اللجنة في اجتماعها المنعقد بالقاهرة عام 1990م بدراسة الخطّة، وتوالت الاجتماعات حتى تمّ وضع مشروع متكامل رفع إلى مؤتمر القمة السادس في  دكار، فصادق على المشروع بأكمله، وتمّ العمل على ملاحظة السبل الكفيلة بتطبيقه عبر خطّة تنفيذية، ولم تصل هذه الخطة بعد إلى الحد الكامل.

وقد قام المؤتمر السابع بالدار البيضاء بالمصادقة على مشروع قرار برقم   CS/DR/15تمّت فيه التوصية على وضع هذه الاستراتيجية موضوع التنفيذ، عبر دراسة الخطة التنفيذية من قبل اللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية، وطلب من الدول اتخاذ الخطوات اللازمة لإدخال هذه الاستراتيجية ضمن سياساتها الوطنية في المجالات الثقافية والتعليمية والتربوية.

وعلى أي حال فمازال هذا المشروع باقياً على الصعيد النظري ينتظر صياغته بشكل مشروع عملي تنفيذي، مثله تماماً كمثل اللائحة الإسلامية لحقوق الانسان.

 

ج - مشروع وضع خطة لمكافحة المفاسد الاخلاقية:

مر هذا المشروع بعقبات كثيرة وضعتها بعض الدول الأعضاء، لأنه يتنافى مع ماهي عليه من تبّن لبعض السلوكات اللاأخلاقية وسماح لبيع الخمور، وترويج للسفور، وفسح المجال للقمار والبلاجات الخليعة، وأمثال ذلك من أنماط الإنحراف السائد في أرجاء العالم الإسلامي.

ورغم كل العقبات، فقد أصررنا على طرحه في المؤتمرات، حتى تمّت الموافقة على صيغة معدّلة منه، حذفت منها كل عبارات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخفّفت مواده حتى كادت تفقده فاعليته.

إلا أن الغريب أن الأمانة العامة ومن ورائها بعض الدول عملت على حذفه من قائمة مشاريعها، حتى لم نعد نشهد له أثراً في القرارات التالية، الأمر الذي يشكك تماماً في مصداقية الكثير من نشاطات المنظمة مع الأسف الشديد.

والحقيقة أن القرار لم يترك أي أثر على صعيد إصلاح الأوضاع الأخلاقية، نظراً لفقدان العزيمة اللازمة لتحويل هكذا مشروع الى واقع التنفيذ.

   

د - موضوع الموقف الموحّد من التجديف والاستهانة بالمقدسات الإسلامية:

وهذا الموضوع إنطلق من خلال الآثار العالمية التي تركتها الفتوى التاريخية الخالدة للإمام الخميني(رضي الله عنه) بحق المرتد المجرم سلمان رشدي، الذي عمل من خلال كتابه المشؤوم (الآيات الشيطانية) على الاستهانة  بأهم المقدسات الإسلامية، وقد ساندته في موقفه التآمري كل الدول الغربية، معبرة عن حقدها ضد الإسلام والمسلمين. إلا أن فتوى الإمام التاريخية أفشلت هذه المؤامرة، بل حوّلت الموقف إلى تجل جديد للوحدة الإسلامية بوجه أعداء الأمة الإسلامية.. وقد عرض الموضوع على المؤتمر الثامن عشر لوزراء الخارجية بالرياض عام 1989م. فأصدر بيانه التاريخي حول (العمل المشترك إزاء أنماط الاستهانة بالقيم الإسلامية) وقد أيّد المؤتمر الإسلامي التاسع عشر عبر أحد قراراته هذا الاتجاه، وطالب بالوقوف أمام نشر هذا الكتاب الضال.

إلا أن ضغط الدول الغربية وتقاعس البعض من الأعضاء أضعف هذا الموقف، الأمر الذي تجلّى في إدخال عناصر أخرى في هذا القرار، مثل مؤامرة الكيان الصهيوني لتدمير المسجد الأقصى، والضغوط الهندية الهادفة الى هدم مسجد البابري فضمّت الى موضوع كتاب الآيات الشيطانية. وهذه المواضيع وإن كانت بنفسها مهمة، إلا أن ضمّها لهذا القرار يضعفه بلا ريب.

هذا وقد صدر عن كل من المؤتمرين العشرين والحادي والعشرين للخارجية قرار يطالب الأمين العام بدراسة إمكانية إعداد وثيقة قانونية دولية لكفاية احترام القيم والمقدسات الإسلامية في برنامج عمل مجمع الفقه الإسلامية.

وفي المؤتمر الثاني والعشرين للخارجية الذي تبعه مباشرة المؤتمر السابع للقمة تمّ تأكيد البيانات السابقة، وبعد التنديد بالاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي والاعتداءات الهندية التي أدّت الى تدمير مسجد البابري والاعتداءات الصربية على الأماكن المقدسة في البوسنة والهرسك، تم التأكيد على ضرورة إبرام الوثيقة القانونية الآنفة الذكر.

وهكذا نجد أن المنظمة تتردّد بين الإقدام والإحجام في كثير من المواضع، ومنها هذا الموضوع، وبدلاً من تقوية موقف المؤتمر الثامن عشر، راحت المسيرة تضعف من خلال ضمّ موضوعات مهمّة أخرى كلّها تستحق قرارات مستقلة إليه حتى يمكن تغطيته بالأحداث، وصرف الأنظار المركّزة على الغرب في ذلك.

هذا في حين يصعّد الغرب من دعمه لهذه المؤامرة، ويستقبل رؤساؤه هذا المجرم، ويمنحه المكافآت والأوسمة كبطل للحرية التعبيرية، بل ويحاول تشجيع أمثال تسليمة نسرين المعتدية أيضاً على المقدّسات في المسيرة، دون أن يأبه بالموقف الإسلامي الرافض.

 

الحقل الثالث: المؤسسات المتفرعة:

 وهي مؤسسات شكّلتها المنظمة، وتعتبر الدول الأعضاء بشكل طبيعي أعضاء أيضاً في هذه المؤسسات، وتبلغ في الحال الحاضر سبع مؤسسات في المجالات الثقافية والاقتصادية، وتقع مقرّاتها في بلدان مختلفة. وها نحن نقدّم نبذة مختصرة عن أهم مؤسستين ثقافيتين فيها وهما:

أولاً: (الارسيكا) مركز الدراسات التاريخية والفنية والثقافية الإسلامية باستانبول.

وقد انشئ هذا المركز بقرار من المؤتمر السابع لوزراء الخارجية، وتمّت الموافقة على نظامه الأساسي في المؤتمر التاسع وبرنامجه العملي في المؤتمر العاشر، وافتتح عام 1982م. وأمينه العام هو الاستاذ أحسان اوغلو. وللمركز نشاطات متعددة منها:

* إصدار 41 كتاباً في الشؤون التي يختص بها.

* إصدار 34 نشرة إخبارية.

* إنتاج شريطين وثائقيين حول الفنون الإسلامية.

* إقامة 89 معرضاً في مجالات الفنون والصور التاريخية.

* شارك في أو نظّم 24 ندوة في مختلف المناطق.

* نظّم 88 محاضرة علمية في مركزه باستانبول.

* يقوم بأعمال اللجنة التنفيذية للجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري.

هذا ويعتبر المركز من المراكز الناجحة، إلا أنه مازال يعاني من النقص المالي، وكذلك مازال يهتم بكثير من الأمور الجانبية، في حين توجد قضايا مهمة جداً لم يتطرّق إليها بعد.

ثانياً: مجمع الفقه الإسلامي:

وهو مجمع فقهي عالمي، تشترك فيه كل الدول الإسلامية على مستويات تمثل فيه كل المذاهب الإسلامية السبعة (الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي والإمامي والزيدي والأباضي) وتسوده روح حرّة الى حد جيد، ويدرس في كل عام قضايا مستجدّه مهمّة. وأتشرّف بتمثيل الجمهورية الإسلامية الايرانية فيه، بل وتمثيل كل أتباع ومدارس المذهب الإمامي في العالم... وقد عقد لحدّ الآن احدى عشرة دورة في مدن مختلفة، درس فيها عشرات المواضيع المهمة، وأمينه العام هو الشيخ محمد الحبيب بن الخوجه.

ونظراً لأهمية هذا المجمع، وبطلب من مندوب الجمهورية اسلامية الايرانية فيه، فقد تفضّل سماحة قائد الثورة الإسلامية فأمر بتشكيل «مجمع فقه أهل البيت(عليهم السلام)» ليقوم الى جانب دراسة القضايا المستجدة دراسة معمّقة بالإشراف على الدراسات المعدّة لهذا المجمع وأمثاله.

ويعدّ هذا المجمع من أفضل المشاريع التي أقدمت عليها المنظمة على الإطلاق ولنا تعاون مستمر معه.

   

الحقل الرابع: المؤسسات التخصصية التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

وهي مراكز متخصصة تعمل في إطار المنظمة، لكن انتماء الدول الأعضاء لا يتم بشكل طبيعي، بل هي حرّة في الانتماء وعدمه، ولها مقرّات في بلدان متنوعة، وها نحن فيما يلي نشير إلى أهم مؤسسة فيها وهي:

(الأسيسكو) المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.

وقد طرح مشروع تأسيس هذه المنظمة في الاجتماع العاشر للخارجية، وتمّت الموافقة على نظامها الأساس في الاجتماع الحادي عشر، ووافق مؤتمر القمّة الثالث عام 1981م، على تأسيسها، وعقدت اجتماعها التأسيسي عام 1992م. وانضمّت إليها آنذاك 23 دولة وتستهدف مايلي:

أ - تمتين أواصر التعاون التعليمي والعلمي والثقافي بين الدول الأعضاء.

ب - إقامة السلام والتفاهم عبر الاستفادة من مختلف الوسائل.

ج - تجسيد معالم الثقافة الإسلامية في البرامج الدارسية في مختلف المستويات.

د - إحياء الثقافة الإسلامية الأصيلة وردّ الشبهات.

هـ - الدفاع عن الهوية الإسلامية للمسلمين في الدول غير الإسلامية.

هذا وقد انضمّت الجمهورية الإسلامية الايرانية إليها عام 1994م. فبلغت الدول المنتمية 39 دولة.

أما المؤسسات الأخرى فهي:

- الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي - ومقرّه في الرياض.

- اللجنة الإسلامية للهلال الدولي - ومقرّه في بنغازي بليبيا.

- الاتحاد العالمي للمدارس الدولية - العربية الإسلامية.

- لجنة تنسيق العمل الإسلامي والدعوة.

   

وخلاصة الأمر:

أننا  نجد للمنظمة تأثيراً لا بأس به في المجالات الثقافية، وربما فاق هذا التأثير بكثير آثارها الاقتصادية والسياسية، إلا أنه لم يصل مع هذا الى الحد المطلوب من منظمة عالمية تحمل أهدافاً كبرى، وتعمل على الرقي بمستوى أبناء الأمة في مختلف المجالات، ذلك أن  التوعية الحقيقية تتطلّب العمل على تعميق المفاهيم الإسلامية الأصيلة حول الوحدة الإسلامية، وتطبيق الشريعة الإسلامية، ونشر الفضائل، وإيجاد التوازن المطلوب على مختلف المستويات، وحذف كل مظاهر الفساد الاخلاقي والسياسي والثقافي والاقتصادي، وإحياء الشعائر الإسلامية بما لها من روح حقيقية، وبالتالي على إيجاد المجتمع الإسلامي الأصيل الواحد والفرد المسلم الملتزم. وهذه أمور لم تستطع المنظمة القيام بها مع الأسف ولعلّ أهم الأسباب التي أقعدتها عن تحقيق أهم وظائفها تكمن في أنها تستمدّ قوّتها من أعضائها والبعض من هؤلاء الأعضاء يصوغون سياساتهم على أساس التبعية للغرب أو للشرق، بالإضافة للمصالح الوطنية أو الحزبية أو القومية المغلقة، مكتفين من الإسلام ببعض الصفات السطحية. وهو الامر الذي وجدنا الامام الراحل الخميني(رضي الله عنه) قد حذر منه في مجالات عديدة ودعا العالم الإسلامي شعوباً وحكومات للتحرر من التبعية والاستقلال في صياغة القرار.

هذا بالإضافة إلى أن المنظمة تسير عادة وفق المجالات المسموح بها من قبل الدول وبعض هذه الدول محكومة تماماً لعاملين أساسيين: التبعية السياسية للغرب، والأفق الضيق للثقافة القشرية والتصوّر الجامد للإسلام، وكل ذلك يمنع المنظمة من القيام بدورها الفعال في التوعية الإسلامية، أو الارتفاع بمستوى المرأة، أو محاربة الفساد الأخلاقي وأمثال ذلك.

 

كيف تتم عملية التفعيل؟

رغم اعتقادنا في أن الحالة الطبيعية هي الوحدة السياسية والقانونية لكل العالم الإسلامي الا أن ملاحظة الظروف القائمة تجعلنا نفكر في البدائل ومنها هذه المنظمة. أن هذه المنظمة كبديل تستطيع أن تلعب أدواراً أكبر على الساحة الدولية في القرن الحادي والعشرين  شريطة أن تتوفر في اعضائها إرادة التغيير المطلوب.

ان المنظمة يجب أن تحقق المستويات التالية:

أولاً: الانسجام الداخلي المطلوب عبر التقدم في المسارات الاقتصادية والثقافية والسياسية وتجاوز المنافع الضيقة نحو الاهداف العليا.

ثانياً: معرفة القدرات الهائلة التي تمتلكها الدول الاعضاء والعمل على الاستفادة الأفضل من هذه الامكانات الضخمة.

ثالثاً: التدخل بكل قوة في الأحداث العالمية خصوصاً بالنسبة لما يرتبط بالعالم الإسلامي.

رابعاً: التعاون الدولي في مختلف المجالات والاسهام الواسع في حل المشكلات الحضارية القائمة ومن الطبيعي أن تحقيق هذه المستويات لن يتم إلا إذا توفرت الظروف التالية:

1- إعادة النظر بكل جدية في النظم التي تحكم نشاطاتها والآليات القائمة واعتماد آليات فعّالة تمتلك القدرة التنفيذية المطلوبة وتعلو على العقبات المصلحية الضيقة لتفرض الواقع المطلوب، ولا ريب في أن هذا المعنى بحاجة الى إرادة قوية للتغيير.

2- امتلاك القدرة المالية المطلوبة، والاكتفاء الذاتي المالي دون انتظار المعونات الإضافية التي تتبرع بها هذه الدول أو تلك وإلا بقيت تابعة ذليلة لمطامعها وقعدت عن تحقيق آمالها الكبرى.

3- اعتماد عنصر العقوبات الرادعة للدول المتقاعسة عن القيام بواجباتها.

4- اعتماد فكرة اشراك الجماهير والمنظمات غير الحكومية في مجال تحقيق الأهداف المطلوبة ولو من خلال الضغط على حكوماتها للإنسجام مع الخط الإسلامي العام.

5- الاتجاه نحو تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف مجالات الحياة الإجتماعية للدول الأعضاء وتطهير العالم الإسلامي من كل الظواهر اللاإسلامية وهو هدف كبير يعلنه الجميع ولكنهم يتوانون عن تحقيقه.

   

وفي خاتمة المقال نود أن نقول

أن المؤتمر الثامن للقمة الإسلامية في طهران شكل نقلة نوعية لعمل المنظمة من حيث قوة التماسك التي ظهرت في المؤتمر والصدى الإعلامي الذي تركه والقرارات المتقدمة التي وافق عليها وقبل ذلك من حيث تحديه لسياسات الاستكبار العالمي التي كانت تستهدف عزل الثورة الإسلامية حتى على المستوى السياسي والدبلوماسي فضلاً عن المستويات الاقتصادية والثقافية.

وكان للخطاب الهام الذي ألقاه قائد الثورة الإسلامية واقتراحاته البنّاءة لتسلم الدور اللائق بالمنظمة في نظام الاقتدار العالمي، وكذلك الخطاب الذي ألقاه رئيس المنظمة السيد الخاتمي الأثر الكبير في اتجاه منظمة المؤتمر الإسلامي نحو مستقبل أفضل واقتدار أسمى.

إلا أن ذلك كله كما قلنا يتوقف على استمرار الارادة وقوة التصميم وروح التحدي التي يجب ان يتحلى بها أعضاء المنظمة كي تستطيع تحقيق هذه الأهداف.

نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا جميعاً لتحقيق مرضاته.

أنه السميع المجيب.

 

 الهوامش:

([1]). البقرة / 143.

([2]). الانفال / 71 .

ارسال نظر